تعريف صناديق الثروة السيادية
من المعلوم أن صناديق الاستثمار هي عبارة عن أوعية مالية، تهدف لجمع مشاركات المستثمرين في محفظة واحدة، ليُصار إلى استثمارها في بعض المشاريع الاستثمارية الضخمة، بهدف تنمية رأس المال الجماعي ومشاركة الأرباح بين أفراد المستثمرين.
وأما الصناديق السيادية، أو ما يعرف بصناديق الثروة السيادية، فهي عبارة عن كيانات مالية مملوكة من قِبل حكومات الدول، وتُدار بهدف تنمية الأصول المالية للدولة المالكة لها، وقد تتكون من أصناف الأصول المتنامية مثل الأراضي، أو الأسهم، أو السندات أو غيرها من الاستثمارات أخرى.
وتُمول صناديق الثروة السيادية عادةً من الفوائض المالية للدول، مثل عائدات النفط والغاز أو الفوائض التجارية للدولة، بالإضافة لمشاركات كبرى الشركات وكبار المستثمرين، حيث تكون استثماراتها بمليارات الدولارات.
يرجع استخدام مصطلح صناديق الثروة السيادية
نشأة صناديق الثروة السيادية ودورها في الاقتصاد العالمي
تعود نشأة صناديق الثروة السيادية إلى قرابة ما قبل قرن من الزمن، ويُشاع أيضاً أن أول صندوق من هذا النوع كان في أمريكا في صندوق حكومي غير فدرالي تأسس في منتصف القرن التاسع عشر لتمويل خدمات التعليم وغيرها.
بينما يُقدّر أن أول صندوق سيادي تم إنشاؤه لدولة ذات سيادة؛ أنشأته دولة الكويت تحت مسمى الهيئة العامة للاستثمار كان في حدود عام 1953، والذي بلغت قيمة رأس ماله اليوم بحسب البيانات المنشورة حول الربع الأول من عام 2024 الجاري: 769 مليار دولار، ليحجز مكانه في المرتبة الثالثة عربياً والسابعة عالمياً.
ثم نشطت هذه الصناديق بصورة كبيرة مؤخراً، حيث استحوذت العديد من الصناديق ضمن القطاع المالي وحده على حصص في مؤسسات عملاقة حول العالم، مثل مورغان ستانلي وبير ستيرن وميريل لينش وسيتي غروب ويو بي اس.
وأما من حيث الدور الذي تلعبه الصناديق السيادية في الاقتصاد العالمي، فتعتبر هذه الصناديق اليوم برأس مالها الضخم من الأدوات المؤثرة في الاستثمار في الأسواق المالية العالمية، بالإضافة لدورها في دعم الاستقرار الاقتصادي للدول المصدرة للموارد الطبيعية، مع مساهمتها أيضاً في تعزيز التنمية الاقتصادية في الدول، حيث تُدار هذه الصناديق كأصول مملوكة للحكومات وتُخصص لتحقيق أهداف وطنية واستراتيجية طويلة الأجل، مثل الاستقرار الاقتصادي أو تنمية الثروات للأجيال القادمة.
كيفية عمل صناديق الثروة السيادية
تعمل صناديق الثروة السيادية على توجيه رأس مالها الضخم باتجاه استثمارات بعيدة عن المخاطرة غالباً، في أصناف الاستثمارات الرئيسة.
مصادر التمويل
وأما مصادر التمويل لهذه الصناديق فتتكون غالباً من عائدات الموارد الطبيعية، مثل النفط والغاز في الدول ذات الإنتاج المرتفع والفائض، مثل دول الخليج وأمريكا والنرويج (صاحبة أكبر صندوق سيادي على مستوى العالم).
أو من خلال ميزانيات الدولة من الفوائض والعائدات التجارية، أو الاحتياطات النقدية من العملات الأجنبية والذهب.
إدارة الصناديق
ومن الطبيعي أن تُدار صناديق الثروة السيادية بوساطة جهات حكومية متخصصة، أو شركات استثمارية متخصصة بإدارة الأعمال ذات الصلة.
حيث تضع هذه الجهات خططًا وسياسات طويلة الأمد لتحقيق الأهداف المحددة، مع مراعاة التوازن بين المخاطر والعوائد لتحقيق أفضل الأرباح الممكنة.
استراتيجيات الاستثمار
تلجأ هذه الصناديق السيادية إلى استراتيجيات تضمن لها نمو أرباحها في ظروف آمنة، مثل الاستثمار في السندات الحكومية في عمليات الإقراض بين الدول.
أو الاستثمار في الأصول الإنتاجية مثل العقارات والبنية التحتية على مستوى مشاريع الدولة الكبرى، أو الاستثمار في الأسواق الناشئة أو الصناعات المستقبلية والتكنولوجيا والطاقة المتجددة، وكلها من الاستثمارات المدرّة والمهمة لمثل هذه الصناديق.
أنواع صناديق الثروة السيادية
ولعل أهم نماذج الصناديق السيادية المعروفة اليوم:
صناديق مخصصة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي
وهي صناديق تهدف من خلال نموذج عملها إلى حماية الاقتصاد من التقلبات في أسعار الموارد الطبيعية، مما يضمن ضبط استقرار السوق بشكل كبير وضمان الاستقرار الاقتصادي في البلاد.
ومن أمثلته "صندوق الثروة القومي الروسي"، صاحب رأس المال والاستثمارات التي تزيد عن 142 مليار دولار في عام 2024.
صناديق مخصصة للتنمية الاقتصادية والاستثمار في المستقبل
مثل "صندوق الاستثمارات العامة السعودي" وهو الخامس عالمياً من حيث رأس ماله، الذي تجاوز 861 مليار دولار في عام 2024، والذي يتخصص في استثماراته ضمن مشاريع البنية التحتية وتطوير الصناعات المحلية والناشئة.
صناديق مخصصة للأجيال القادمة (حفظ الثروات للأجيال المستقبلية)
وهي الصناديق التي تُركز على حفظ الثروات واستثمارها لتحقيق عوائد طويلة الأجل للأجيال المستقبلية، والتي من نماذجها صندوق التقاعد الحكومي في النرويج.
وأحد المبادئ الأساسية للسياسة المالية النرويجية ما يسمى بقاعدة الميزانية، حيث لا يُسمح للإنفاق الحكومي بتخطي سقف العائدات الحقيقية المتوقعة للصندوق، والتي تقدّر عادة بحوالي 4 %. حيث سجّل الصندوق بين عامي 1998 و2015 عائدات أرباح سنوية تقدّر بـ 5.8 %، قبل احتساب التضخم و التكاليف الإدارية، مما يوحي بنجاح خطط نموّ هذا الصندوق وثبات خطواته.
أهداف صناديق الثروة السيادية
لا ريب أن الهدف التنموي هو رأس الأهداف الاستثمارية للصناديق السيادية، إلا أن المنافع تشمل أيضاً مجموعة من الميزات الجوهرية لهذه الاستثمارات، منها:
تحقيق الاستقرار المالي
وتقليل تأثير التقلبات الاقتصادية العالمية على اقتصاد الدولة، من خلال القدرة على التحكم بأسعار المواد والموارد، وعدم اضطراب الأسواق متأثرة بالأحداث العالمية.
تنمية الاقتصاد الوطني
من خلال تمويل برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتحقيق أرباح مستمرة تعود على الدولة بعائدات أرباح تسهم في تنمية اقتصاد البلاد وزيادة الثقة به.
تنويع مصادر الدخل
وتوفير مصدر دخل إضافي للدولة، من خلال تنويع الاقتصاد ودعم القطاعات الاستثمارية التي تمتلكها البلاد.
تحقيق العوائد للأجيال القادمة
وخاصة من خلال ضمان استدامة الثروة وتنميتها بشكل مستمر، مما يحقق الاستقرار والرخاء الاقتصادي على المدى الطويل، مع تحقيق مبدأ عدالة توزيع الثروة بين الأجيال.
مزايا صناديق الثروة السيادية
من أهم مزايا هذه الصناديق:
توفير مورد اقتصادي إضافي وبديل تحسباً للنضوب الطبيعي للمورد الحالية، من خلال بناء أصول أخرى تدر دخلاً يعوض تراجع الثروة النفطية مثلاً، واستغلال الإيرادات المتوفرة اليوم في سبيل هذا الهدف، وهو ما اصطلح عليه بـ "تحقيق العدالة بين الأجيال".
فالدول ذات الاحتياطي الناضب قصير الأجل، يكون الحافز لديها أكبر للادخار وتوفير البدائل الاستثمارية، لتعويض ما تفقده البلاد من مخزون استراتيجي.
ومن الملاحظ أن الصناديق السيادية قد ساهمت في تطوير البلدان المالكة لها بشكل ملحوظ، من خلال توجيه رأس المال باتجاه التنمية الحقيقية والفعلية.
التحديات والمخاطر المرتبطة بصناديق الثروة السيادية
والتي نذكر منها:
- تقلب الأسواق العالمية التي يمكن أن تؤثر على الصناديق السيادية من خلال اضطراب أسعار الأصول.
- قد تتعرض هذه الصناديق لإرادات دولية وسياسية تؤثر وتضغط في تنفيذ أجندات معينة بدلاً من تحقيق الأهداف الاقتصادية البحتة.
- الافتقار إلى الشفافية فيما يخص أعمال وتحركات هذه الصناديق غالباً، وبالتالي زيادة المخاطر على النظام المالي.
- المخاطر الجيوسياسية وتأثيرها على أداء الصناديق، وخاصة في ظل الأزمات العالمية.
أمثلة على صناديق الثروة السيادية الناجحة
تزيد الصناديق السيادية العاملة حول العالم اليوم عن 100 صندوق سيادي، وتتحدث الأرقام عن تفوق العديد من الصناديق في أعمالها واستثماراتها، نذكر من ذلك على سبيل المثال ودون ترتيب:
- صندوق الثروة السيادي التركي "تي دبليو إف" (TWF)، الذي أسسته الحكومة التركية في عام 2016 وفوضته بالقيام بالاستثمارات الضخمة التي يتردد القطاع الخاص في القيام بها، حيث يمتلك هذا الصندوق مجموعة من الأصول التي انتقلت إليه من الخزانة التركية، والتي تضم حصصاً من بنوك حكومية وشركة الطيران التركية وبورصة الأوراق المالية التركية، واستناداً إلى أحدث البيانات المتاحة، فإن قيمة الصندوق الحالية تتجاوز 33 مليار دولار.
- صندوق الثروة السيادية النرويجي، وهو الصندوق الأكبر في العالم بقيمة تبلغ 1.548 تريليون دولار.
- مؤسسة الاستثمار الصينية التي تبلغ قيمتها 1.24 تريليون دولار، وهو الصندوق الثاني عالمياً.
- صندوق سافيك الصيني، صاحب رأس مال 1.082 تريليون دولار، وهو الثالث عالمياً.
- جهاز أبو ظبي للاستثمار، وقيمته 892 مليار دولار، والذي يحتل المركز الأول عربياً والرابع عالمياً.
- صندوق الاستثمارات العامة السعودي وقيمته 861 مليار دولار، ويحتل المركز الثاني عربياً والخامس عالمياً.
- الهيئة العامة للاستثمار الكويتية بقيمة 769 مليار دولار، وهو من أقدم الصناديق العربية والعالمية، ويحل بالمرتبة الثالثة عربياً والسابعة عالمياً.
- جهاز قطر للاستثمار، وقيمته 510 مليارات دولار، وهو الرابع عربياً والثامن عالمياً.
لكل ما يخص صناديق الاستثمار في تركيا استشر خبراء شركة أوراغون
بدأت شركة أوراغون أعمالها في مجال إدارة المحافظ الاستثمارية من عام 2018، لتحصل بعد ذلك على ترخيص مجلس أسواق رأس المال التركي لإنشاء صناديق الاستثمار العقاري وصناديق رؤوس أموال المشاريع.
وفي عام 2023 استطاعت أوراغون أن توسع نشاطها من خلال ترخيصها كجهة مُنشئة ومديرة لمحافظ رؤوس أموال المشاريع الاستثمارية.
تعمل أوراغون اليوم بإشراف فريق إداري يضم نخبة الخبراء في القطاع العقاري وفي أسواق الأسهم، وتتيح شركة أوراغون صناديقها الاستثمارية لمشاركة المستثمرين الطموحين الراغبين بتنمية مدخراتهم، وتحقيق أعلى عائدات استثمارية ممكنة، مع مراعاة مخاطر الاستثمار وفق أُسس استثمارية واضحة ومدروسة، علاوة عن إمكانية تحصيل التراخيص والموافقات الرسمية للراغبين بإنشاء صناديقهم الاستثمارية الجديدة الخاصة بهم.
تحرير: شركة أوراغون©